كيف بدأ العلم
فى بقاع شتى من أرضنا هذه التي نعيش عليها ، كانت هناك دائما حفريات ، تشير إلى كائنات عاشت قبلنا بمليون سنه على الاقل ، وهي اسلاف الإنسان العاقل اليوم .
اتخذت من الحجاره ماده تصنع منها ادواتها ، ومنذ نصف مليون سنه تقريبا ، عاد احفاد هؤلاء البشر الأوائل، الذين عاشوا في جاوا ، و الصين والجزائر واماكن متفرقه اخرى ، واستخدموا حجر الصوان، لقدح الشرر وتوليد النار فكانت اول نار عرفها الانسان .
العلم يبدأ في النمو
ثم تمر ثلاث مئه الف عام من الحياه ومواصله التعلم ، اي منذ حوالي مئتى الف عام فقط ، واصبح الإنسان اكثر تطورا. تدلنا على ذلك: الجماجم التي عثرنا عليها فى حفريات متفرقه كانت اكبر حجما ، واعقد تركيبا من تلك الاقدم منها . هكذا لم تعد الحجاره تصلح كادوات لها ، بل تنوعت مصادر الاستخدام ، وبدات تتحدد ملامح الانسان المتمدين ، عندما عرف الاجداد كيف يدفنون موتاهم ، و بطرق دفن مختلفه متنوعه . تنوع اساليب الدفن هذا ، يؤكد ان وراءه أفكارا معينه وتحمل مغزى وهدف عند أصحابها . هكذا بدات طقوس الدفن تتخذ مثالا وشكلا واضحا منذ حوالي 50000 سنه ، نرى ذلك بوضوح من الترتيبات الخاصه المرتبطه بالدفن، والتي تعبر عنها الرسوم والنقوش ، التي وجدت على جدران المدافن الاثريه في جميع الحضارات المختلفه .
العلم ، الصيد، الزراعه
وحتى حوالي 10000 سنه ماضيه فقط ، كان أهم ما يشغل الناس هو الصيد والحرب، وما يتطلبه من ادوات واسلحه من نوع خاص ، و من خلال ادراك أهميه التجمع والتعاون ، في الصيد وجمع الثمار ، تكونت اشكال من الحياه الانسانيه المستقره ، كان هدفها إيجاد نوع من الاكتفاء الذاتي ، وتامين نظام ثابت لإنتاج الطعام ، يقوم على استئناس الحيوانات و زراعه المحاصيل . هذه الحياه المستقره، كانت حافزا على الخلق والابتكار ، من اجل مواجهه المشكلات ، فتعلم الانسان كيف يصنع الاواني ، الفخاريه والخشبيه ، من الطين والصلصال ، وابتكر عجله الفخار ، وعرف كيف يستخلص انواع معينه من المعادن ، من خاماتها ويحولها الى ادوات مفيده ، و كما تدلنا اقدم سجلات تاريخيه عن هذه الانشطه ، انها بدات منذ حوالي 5000 عام .
بدايات العلم الحديث وأنها ارتبطت في الغالب بنمو الحياه الحضاريه للانسان ، وهو شكل الحياه الذي تطور عن الاستقرار البدائي المبكر ، وهكذا كانت وماتزال المدنيه ، هي أقوى حافز على الخلق والابتكار في الرياضيات والكتابه ، وتلك بدورها ساهمت في دفع الخصوبه في الابتكار الى اقصى مداها .
شهدت هذه المرحله التاريخيه ، التي امتدت الى عصرنا الراهن ، زياده سريعه ومستمره في الاختراعات والاكتشافات. لقد توصل الانسان في ال ١٠٠ سنه الاخيره الى المضادات الحيويه، والحاسبات الالكترونيه ، والطاقه النوويه ، والسفر عبر الفضاء ، هذه المكتشفات البالغه التطور التي تثير الدهشه والاعجاب ، والتي قد تبدو للوهله الاولى وكانها تنتمي لجنسنا اخر او نظام مختلف ، لاصله بالانسان الذي تعلمنا عنه فى ما قبل التاريخ ، ولكن الامر على العكس من ذلك ،،،
كل تلك المكتشفات ، تمتد بجذورها للجهد الانساني البدائي منذ ما قبل التاريخ المكتوب ، ومحاولات اسلافنا الساذجه لصنع ادواتهم ، هي التي قادت عبر مئات الالاف من السنين من المحاولات ، ثم الى تصحيح الاخطاء، الى ما يتصف به علمنا التجريبي اليوم .
العلم التجريبى الجهد الذي بذله الاسلاف الاوائل ، للربط والتنسيق بين افعالهم البصريه ، وحركات ايديهم، والذي هو نوع من النشاط العلمي التجريبي وان كان في صوره بدائيه ، انه التفكير الانساني المبكر ، والذي تحول به البشر البدائيين تدريجيا الى الحضاره والانسانيه .
بدايه العلم بالتعدين
عرف الانسان القديم كثيرا من الحقائق الاساسيه ،التي ما يزال ياخذها العلم الحديث ، فقد عرف منذ مئات السنين كيف يميز وينتقي حجر الصوان ، الذي يعطيه افضل شراره من النار عرف بذلك المبادئ الاولى لعلم التعدين ، و قرب نهايه العصر الحجري ، حفر الانسان الاول المناجم بعمق 50 قدم الحصول على حجر الصوان ، لصناعه الادوات الصلبه، فضلا عن ذلك عرف الكثير عن النبات والحيوان ، من اجل الغذاء ومن اجل العلاج ، واصبحت هذه المعرفه في ما بعد هي اساس علوم النبات والحيوان الحديثه .
بداية العلم الطبى
فيما يتعلق العلم بالنباتات ، فهناك اكثر من 2000 نوع منها صالحه للطعام ، وكان يتعين على رجل وامرأة ما قبل التاريخ ، معرفه اي نوع من النباتات هو الذي يجب جمعه وتخزينه ، ومن الفواكه والحبوب وانواع الجوز . ولولا أنه تجمعت لديه حصيله معقول من العلم والمعرفه ، ما كان في وسعه ان يعرف الزراعه منذ اكثر من 10000 عام ، وان يستنبت بعض المحاصيل ، مثل القمح والارز .
اما معرفته بالحيوانات ، فيدل عليها ما عثر عليه من بقايا الطعام ، بجوار اماكن معيشته القديمه في المناطق الاثريه. وكذلك ما تركه من رسوم وصور متنوعه على جدران الكهوف والاماكن الاثريه المختلفه التي تعود الى 20 الف سنه .
صور لحيوان الماموث و غزال الرنه والخيول والقطط والدببه والخنزير البري، وكذلك وحيد القرن هذه الصور تدل على ملاحظات صحيحه ، علاوه على مواهب فنيه عميقه لدى الانسان القديم .
العلم الطبى القديم
اما معرفه الانسان الطبيه ، فتوضحها معرفته بموضع القلب كما سجله بالفعل على تصويره للماموث ، بل و حدد حجم الصحيح ، وهناك احتمال كبير بانه قام ببعض العمليات الجراحيه الصعبه ، بعد إكتشاف جماجم استقطعت منها اجزاء دائريه منتظمه ، من العظم في حجم القرش ، بمشارط مصنوعه من حجر الصوان ، والمدهش ان يكون احتمال شفاء المريض ممكن بعد العمليه ، ويمارس حياته بطريقه طبيعيه ذلك لان بعض الجماجم التي عثر عليها ، كانت تحت تنطوي على العديد من الثقوب على التوالي ، كذلك استطاع نفس الانسان البدائي ، ان يحقق بعض التقدم في علم الحساب منذ ما يزيد على 10,000 عام .
علم الحساب واستخدم العظام ، والحجاره ، ووضع عليها صنوفا وانواعا من العلامات ، التي تشبه الخدوش الحاده ، يحسب بها عدد الحيوانات في القطيع ، وبعض التفصيلات الاخرى عنها .
علم الفلك
ولا شك ان الانسان الاول ، ربما اكثر من غيره من الذين عاشوا في العصور التاليه ، عاش في طبيعه مفتوحه ، وجعله ذلك يتوجه الى ملاحظه الطبيعه ، عن قصد وهدف ، ولما كانت الشمس والنجوم هي اول ما يصافح عينيه ، عندما يرفع راسه الى الاعلى و ينظر الى السماء ، فقد كانت من رفقاء تأملاته واستطاع على فترات طويله ومتباعده ، ان يكشف عن الارتباط بينها وبين الفصول الاربعه ، ودفعه اهتمامه بالزراعه للدراسه المتانيه للنجوم ، و توصل الى ما يمكن ان يكون بدايه للتقويم السنوى ، و يساعده ذلك على تحديد انسب الاوقات لبذر الحبوب، وجنى المحاصيل . ومن المؤكد ان العلم اقدم عهدا من التاريخ المكتوب ، وقد توصل اسلافنا الاوائل الى المعطيات الاساسيه للعلم قبل الالاف من السنين ، ومن قبل اختراع الكتابه والتدوين، اعتمد علي الرموز الداله على الاعداد ، وابتكرت قبل الرموز التي تدل على الكتابه . وأول ما ينبغي معرفته عن العلم ، انه كامن فى أقدم انجازات الإنسان البشري ، بل فى الإنسان نفسه .
إن الانسان العاقل اليوم يدين في ما انتهى اليه من تطور ، إلى اسلافه السابقين ، قبل ان يضعوا اقدامهم على اعتاب الحضاره البشريه . لولا محاولاتهم المستمرة على تحصيل العلم ، مهما بدا ساذجا وقدرتهم على اعاله انفسهم ، والسيطره على مقدرات بيئتهم، لما كنا وصلنا الى ما نحن فيه اليوم .
تمايز انواع العوم
صراعات الانسان مع الطبيعه وصراعه مع نفسه ، من اجل التكيف جعل فعالياته مع بيئته، وجوانب معينه منها ، تتطور تدريجيا وتميزت الى ما نعرفه اليوم من الفنون العمليه والتكنولوجيا، وكذلك العلوم النظريه والعلم التطبيقي.
وفي البدايه كانت هذه الجوانب ، مظاهر متنوعه في نشاط انسانى واحد ، حاول عن طريقه الانسان ، السيطره على الاشياء المحيطه به ، لمواصله الحياه .
وعندما أخذ علم الانسان بهذه الجوانب ، يزيد شيئا فشيئا مع مرور السنين ، اصبح من المناسب بل ومن الضروري ايضا ، ان ننظر الى كل منها كموضوع مستقل قائم بذاته .
ينبغى تميزه عن العلوم الاخرى ، وهذا يعني ان كل العلوم قد نبتت من نفس الجذر ، فاذا نسي الانسان الاصل الواحد والمشترك للعلوم ، اختلطت عليه الامور و قابلته المشكلات وواجهته الصعوبات ، فى فهم الصله بين فروع العلوم المختلفه ...
تحياتى،،،،،،